الفجر نيوز
الجمعة 2 مايو 2025 08:05 مـ 5 ذو القعدة 1446 هـ
الفجر نيوز

مقالات ورأى

أحمد الخميسي يكتب: أتذكرك..

في عيد الأم كما يحدث للجميع أتذكر أمي. كانت شابة بسيطة على قدر من الجمال، تعرف إليها والدي في كلية الآداب عام 1946وكتب لأجلها : " حولي عينيك عني إني لا أطيق.. ما تصبان بنفسي من حريق". وحين تقدم والدي لطلب يدها سأله أبوها: "ماذا تعمل؟". قال له:" شاعر وصحفي"، فمط جدي شفته بازدراء وقال له: " لست موظفا إذن؟. شوف لك يا ابني شوفة تانية غير بنتي". لكنها قررت الهروب معه وعقد القران في بيت خالتها بحدائق القبة. وعندما اعتقل أبي عام 1953 وجدت نفسها بطولها معنا أطفالها الستة بلا سند ولا معين ولا حتى ما يكفي لسداد أجرة الشقة في العباسية، فجمعتنا وجرتنا إلى بيت جدي. ولم تكن قد انهت تعليمها الجامعي وبعد أن أنهته اشتغلت معلمة في مدرسة نائية في مدينة طوخ فلم نعد نراها إلا مرة في الأسبوع. كنت أنتظر عودتها من طوخ ظهر كل يوم خميس. أصعد إلي سطح البيت، أشب بقدمي وأرتكز بمرفقي على السور. أحدق يسارًا بنهاية الطريق أترقب ظهورها. يطن رأسي من الوقوف طويلاً في هواء ملون بوهج الشمس. أخيرًا تلوح أمي على الطريق من بعيد. ترفع رأسها ناظرة إلى السطح لأنها تعلم أني أنتظرها، أنتظر ولا أفقد الأمل أبدا، وعندما لا يفصلها عن البيت سوى أمتار قليلة أهبط مسرعًا زاعقًا في أخواتي: "ماما جاءت". ترانا تحتضننا وهي تمر ببصرها علينا بلهفة كأنما تطمئن على كل ضلع فينا. تلمنا بين ذراعيها وتغوص رؤوسنا في بطنها شاعرين بالطمأنينة. تلمع عيناها وهي تحدق بنا مثل قطة تتطلع إلى أبنائها في ألسنة الحريق. شابة حُرمت من زوجها، أمٌ حُرمت من أطفالها، مع ذلك لم نسمعها تشكو مرة واحدة. كنا في بيت جدي نأكل في الإفطار والعشاء أنصاف أرغفة، وإذا تسللت أصابع أي منا لأكثر من نصف رغيف لسعه جدي بكفه الثقيلة على أصابعه الممتدة. كان جدي يراقب الجميع بعينين مفتوحتين وهم يأكلون ليضمن أن الخبز سيكفى الأفواه الجائعة وأن عدالة الفقر ستتخذ مجراها. يحدث هذا أمام عينيها. تكز على ضروسها ولا تنطق. علمنا صبرها وصمتها أن ننهض جوعى مبتسمين كأنما شبعنا. مشينا حفاة في الشارع فلم يطرف لها جفن، ولم تظهر ضعفًا أمامنا أبدًا. فقط كان الصداع النصفي يهاجمها بضراوة. ترقد على جنبها في حجرة نصف معتمة. تربط رأسها بمنديل تعقد طرفيه بمفتاح باب الحجرة. تطلب مني أن أجلس على السرير بالقرب منها وأضغط رأسها بجماع يدي الاثنتين. كانت روحها من القوة بحيث لم تجد الطبيعة فيها منفذًا للبكاء فراحت تلطم بدنها بالصداع العنيف عوضًا عن دمع لا ينهمر. عندما خرج والدي من المعتقل عام 1956، كنت أراه يملي عليها مقالاته، يروح ويجيء ويملي وهي جالسة تكتب، فأردت أن أقلده وأنا طفل مع ابنة الجيران التي كانت من سني في نحو التاسعة، لكنها قالت إنها لا تحسن الكتابة أصلا، ومع ذلك بدأت أكتب القصص الصغيرة الساذجة، فلما انتبهت أمي إلى ذلك قالت لي : " سأعطيك خمسة قروش عن كل قصة". وكانت الخمسة قروش في وقتها ثروة لطفل، يمكنك بها أن تدخل السينما وتأكل كشري وتشرب عصيرا. هكذا انفتح أمامي فجأة باب الثراء، فصرت أشخبط أي كلام لأحصل على القروش الخمسة، إلي أن حل يوم فلاحظت ذلك وقالت لي:" إذا كنت ح تشخبط أي حاجة مش ح تآخد مني حاجة"! وكان راتبها الشهري عماد حياتنا المنتظمة، كما كانت ترجع يوميا من عملها فتغسل ملابسنا، تكوي، تطبخ، تنظف، وفي المساء تراجع معنا الدروس. لم أرها مرة واحدة تشكو، أو تئن، ولا لمحت دمعة في عينيها، رغم حياتها الشاقة الطويلة، وتوفيت رافعة الرأس كما عاشت، كانت جالسة بيننا ثم طلبت جرعة ماء شربتها ومالت برأسها في صمت على كتفها، بالكبرياء نفسها التي عاشت بها، أتذكرها باعتزاز وزهو، ويرن اسمها " شفيقة " في وجداني يقيم الأبنية والقصور الفارهة، ويشق الأنهار، ويغرس الزهور، ويزيح السدود من طريقي.

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى30 أبريل 2025

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 50.7467 50.8467
يورو 57.7243 57.8432
جنيه إسترلينى 67.7823 67.9362
فرنك سويسرى 61.4813 61.6398
100 ين يابانى 35.4822 35.5621
ريال سعودى 13.5288 13.5562
دينار كويتى 165.5736 165.9541
درهم اماراتى 13.8150 13.8441
اليوان الصينى 6.9838 6.9984

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 5291 جنيه 5269 جنيه $104.46
سعر ذهب 22 4850 جنيه 4830 جنيه $95.75
سعر ذهب 21 4630 جنيه 4610 جنيه $91.40
سعر ذهب 18 3969 جنيه 3951 جنيه $78.34
سعر ذهب 14 3087 جنيه 3073 جنيه $60.93
سعر ذهب 12 2646 جنيه 2634 جنيه $52.23
سعر الأونصة 164582 جنيه 163871 جنيه $3248.97
الجنيه الذهب 37040 جنيه 36880 جنيه $731.20
الأونصة بالدولار 3248.97 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى