الفجر الجديد
الفجر الجديد

أخبار عالمية

بعد وفاة القاضي الرحيم عن عمر ناهز 89 عامًا.. من هو فرانك كابريو ويكيبيديا؟

فرانك كابريو
آمنة مجدي -

في العشرين من أغسطس 2025، فقد العالم أحد أبرز الوجوه القضائية ذات التأثير الإنساني، بعدما توفي القاضي الأمريكي فرانك كابريو، الذي ارتبط اسمه في أذهان ملايين حول العالم بصورة القاضي العادل المتسامح، بعد رحلة طويلة ترك خلالها إرثًا مهنيًا وإنسانيًا نادرًا في ساحات القضاء.

فرانك كابريو، الذي لمع اسمه في محاكم مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند، لم يترك بصمة قانونية فحسب، بل أصبح وجهًا مألوفًا في منازل الناس عبر شاشة التلفاز، حيث قدّم نموذجًا فريدًا في تطبيق العدالة بمزيج من الصرامة القانونية والتعاطف مع ظروف المواطنين اليومية.

ينتمي كابريو إلى عائلة متواضعة الجذور، وُلد في حي فيدرال هيل بمدينة بروفيدنس في 23 نوفمبر 1936، لوالد مهاجر من أصول إيطالية كان يعمل في بيع الفاكهة ومنتجات الألبان، وساعد والدته في إعالة الأسرة منذ سنواته الأولى، عبر أعمال بسيطة كغسل الصحون وتلميع الأحذية، قبل أن يُكمل تعليمه الثانوي عام 1953.

واصل كابريو مسيرته التعليمية بنيل شهادة البكالوريوس من كلية بروفيدنس، ثم التحق بكلية الحقوق في جامعة سوفولك بمدينة بوسطن، ما أتاح له دخول السلك القانوني لاحقًا والعمل كمحامٍ ثم كقاضٍ، حيث بدأ مسيرته السياسية عام 1962 بعد انتخابه عضوًا في مجلس مدينة بروفيدنس واستمر في موقعه حتى عام 1968.

عُرف كابريو لاحقًا بأدائه اللافت كرئيس لمجلس محافظي رود آيلاند لشؤون التعليم العالي، قبل أن يُعيّن قاضيًا في محكمة البلدية عام 1985، وهو المنصب الذي شكّل نقطة تحوّل في حياته، إذ سمح له بتطبيق رؤيته الإنسانية للعدالة بطريقة مباشرة أمام المجتمع.

في عام 2018، وصل تأثير كابريو إلى العالم من خلال برنامج Caught in Providence، الذي أظهر من خلاله كيف يمكن للقانون أن يُطبّق بصرامة دون أن يُغفل الجانب الإنساني، حيث تعامل مع المخالفات اليومية ببصيرة مختلفة، مستخدمًا أسلوب الحوار والتفهّم مع المتهمين بدلًا من الأحكام الجافة.

حقق البرنامج انتشارًا لافتًا عالميًا، ووصلت بعض المقاطع إلى عشرات الملايين من المشاهدات، فيما تخطت المشاهدات الإجمالية حاجز الـ100 مليون مشاهدة بحلول عام 2019، ليصبح كابريو شخصية محبوبة ومُلهمة داخل الولايات المتحدة وخارجها، ومرجعًا في مفهوم العدالة القائمة على الرحمة.

بعيدًا عن المحكمة، أسس كابريو عدة مبادرات تعليمية وخيرية، شملت صناديق منح دراسية في جامعة سوفولك وكلية بروفيدنس وجامعة رود آيلاند، تكريمًا لذكرى والده، كما دعم طلاب المدارس الثانوية في بروفيدنس ببرامج لتحسين التعليم وتوسيع فرص العمل القانوني في المجتمعات الحضرية.

وحصل القاضي الراحل على عدة جوائز تقديرية، بينها الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعتي سوفولك وبروفيدنس، ودكتوراه في الخدمة العامة من جامعة رود آيلاند عام 2016، إضافة إلى جائزة تكريمية من مهرجان رود آيلاند السينمائي الدولي عام 2018.

على المستوى الشخصي، عاش كابريو أكثر من خمسة عقود برفقة زوجته جويس إي كابريو، وأنجبا خمسة أبناء، واحتضن سبعة أحفاد كان يفخر بهم دومًا، وظل محافظًا على تماسك أسرته حتى أيامه الأخيرة، رغم معاناته مع المرض.

برحيله، طُويت صفحة استثنائية في تاريخ القضاء الأمريكي، إذ لم يكن كابريو مجرد رجل قانون، بل نموذجًا نادرًا للقاضي الذي اختار أن يحكم بقلبه قبل قلمه، وأن يجعل العدالة قريبة من الإنسان، مهما كانت ظروفه.